الأرشفة المسؤولة

يُعد أرشيف “تاريخنا هنا” مساحة أرشيفية تُعنى بحفظ التاريخ الاجتماعي والثقافي والسياسي كما عاشه الأفراد والمجتمعات، دون تعديل أو انتقاء. يضم الأرشيف مواد متنوّعة تشمل السياسة، الإعلام، الفنون، الحراك الحقوقي، وغيرها، مما يجعله مصدرًا مهمًا لجميع الأفراد والنشطاء/ات والباحثين/ات وغيرهم/ن

لماذا نؤرشف؟

نؤمن أن الأرشفة ليست مجرد عملية حفظ بيانات، بل هي ممارسة نقدية وسياسية تهدف إلى خلق سجلّ شامل يعكس التجارب المتنوعة، لا تلك التي تفرضها السرديات السائدة فقط. فالتاريخ الذي يتم أرشفته هو الذي يُحكى، وما يُحكى هو الذي يبقى في الذاكرة الجماعية. لذلك، نحرص على أن يشمل أرشيفنا أصواتًا مختلفة، خاصةً تلك التي غالبًا ما تُقصى أو تُهمّش، سواء بسبب الهوية الجندرية، أو التوجه الجنسي، أو الخصائص الجنسية أو الطبقة الاجتماعية، أو المعتقدات السياسية، أو غيرها.

موقفنا من المحتوى المؤرشف

نلتزم في هذا الأرشيف بمبدأ الأرشفة المسؤولة، حيث نعمل على جمع الروايات المختلفة، بما في ذلك تلك التي قد تكون محل جدل أو نقد، دون أن يعني ذلك تأييدها أو تبنيها. فالأرشيف، بطبيعته، ليس أداةً لتشكيل خطاب موحّد، بل فضاءٌ لحفظ الذاكرة الجماعية بكل تعقيداتها. أرشفة هذه السرديات تساهم في فهم السياقات التي تشكّلت فيها الأفكار والحركات والتجارب، سواء كانت تقدمية، محافظة، أو حتى إشكالية.

نحن ندرك أن بعض المحتويات قد تتضمن شخصيات أو أفكارًا لا تتماشى مع قيمنا، لكن حذفها أو تجاهلها يعني إعادة إنتاج تاريخ غير مكتمل أو مشوّه. إن التعامل النقدي مع هذه السرديات هو ما يسمح لنا بفهم كيف تطورت مجتمعاتنا، وما الذي أدى إلى نجاح أو فشل بعض الأفكار والحركات، وكيف يمكننا المضي قدمًا نحو مستقبل أكثر شمولًا ووعيًا. 

في حين أن الأرشيف يهدف إلى ضمان شمولية السرديات وتمثيل مختلف الأصوات، فإن ذلك لا يعني تأييد أو تبرير أي محتوى قد يتضمن خطابًا إقصائيًا أو تمييزيًا. بعض هذه السرديات قد تعكس واقعًا معقدًا أو إشكاليًا، وأرشفتها لا تعني منحها شرعية، بل وضعها ضمن سياقها التاريخي والاجتماعي لفهمها وتحليلها نقديًا. يتيح ذلك للباحثين/ات، والناشطين/ات، والفنانين/ات، فرصة دراسة هذه السرديات بوعي ومسؤولية.

نحن لا نعتبر الأرشيف مساحةً محايدة، بل نرى فيه أداة لمساءلة القوى التي شكّلت مجتمعاتنا، ولتسليط الضوء على التاريخ المخفي أو المُغيّب. لكنه أيضًا مساحة تُفسح المجال لتعددية وجهات النظر، حيث يمكن أن تتجاور القصص المتناقضة في آن واحد، لأن الواقع لم يكن يومًا بسيطًا.

“تاريخنا هنا” أكثر من مجرد أرشيف

الأرشيف ليس مجرد تجميع للوثائق والشهادات، بل هو منصة تعكس روح الحركة والتغيير، ومرآة لما حدث، وما يحدث، وما يمكن أن يحدث في المستقبل. نحن نؤمن أن حفظ التاريخ كما هو، بأصوات من عاشوه/نه، يُمكّننا من بناء مستقبل أكثر وعيًا وإنصافًا، حيث يتم الاعتراف بتجارب الجميع، لا فئة دون أخرى.

من خلال هذا الأرشيف، نفتح الباب لحوارات جديدة حول التاريخ والذاكرة والتغيير، ونؤكد أن كل صوت يستحق أن يُسمع، وكل قصة تستحق أن تُؤرشف، لأن الأرشفة ليست مجرد تسجيل للماضي، بل هي فعل مقاومة، وبناءٌ لمسارات جديدة نحو العدالة والمعرفة.

تسجيل الدخول

ليس لديك.ي حساب؟